فضيلة سيدنا الشيخ أبو يوسف أمين طريف

شارك المقالة:
Share on facebook
Share on whatsapp
Share on twitter
Share on email

فضيلة الشيخ محمد سليمان طريف – الرئيس الثالث

تسلم الشيخ محمد أعباء الرئاسة الروحية للدروز في البلاد في فترة من اصعب الفترات التي واجهتها الطائفة الدرزية خلال تاريخها ففي لبنان كان بشير الشهابي يطارد الزعماء الدروز ويلاحقهم ويضيق الخناق على أبناء الطائفة الدرزية. وبعد زوال حكم بشير الشهابي وقعت احداث دامية خطيرة بين الدروز والمسيحيين في أماكن مختلفة من لبنان بلغت أوجها في حوادث الستين الدامية التي أسفرت عن مقتل عدد كبير من الجنود والمواطنين من الطرفين. وحصل نتيجة لذلك تدخل الدول الأوروبية المسيحية في الأمر ولم يكن هذا التدخل منصفا فقد اتهم الدروز بالقتل والدمار ولم تلق أي تبعة على المسيحيين الذين استعانوا بالإرساليات الأجنبية وبالقناصل وبالمؤسسات التبشيرية من أجل فرض سيطرتهم على البلاد. ونتيجة لمطاردة السلطات العثمانية للمواطنين الدروز في لبنان بتحريض من الدول الغربية اضطرت عائلات درزية أن تلجاً إلى دروز البلاد فقامت كافة العائلات الدرزية في الجليل والكرمل بالترحيب بالعائلات النازحة واستقبالها ومد يد المساعدة لها وكل ذلك بدعم وتأييد من الشيخ محمد طريف الرئيس الروحي.
وفي نفس الوقت عانى دروز سوريا في جبل الدروز من وطأة الثورة ضد الغازي إبراهيم باشا, ابن محمد علي باشا حاكم مصر الذي اجتاح كافة مناطق الإمبراطورية العثمانية بين مصر والقسطنطينية واحتلها وفرض سلطته عليها وفعل بها ما شاء. وقد حاول إخضاع الدروز في جبل الدروز وتجريدهم من أسلحتهم وتجنيد شبابهم وفرض الضرائب الباهظة علهم فأعلنوا التمرد والثورة وكسروا كافة الحملات العسكرية التي أرسلها إلى الجبل. وقد استمرت الثورة مدة سبع سنوات وانتهت عام 1839 عندما قام إبراهيم باشا بقيادة حملة عسكرية مؤلفة من حوالي أربعين ألف جندي ولم يستطع التغلب عسكريا على الثوار فقام بتسميم عيون الماء في الجبل مما اضطر الثوار بقيادة الشيخ إبراهيم المجري والزعيم شبلي العريان أن يوافقا على هدنة واتفاق بتجنيد رمزي لبعض الشباب وتسليم بعض الأسلحة ودفع بعض الضرائب. وعد أن انهت الثورة قام إبراهيم باشا بالانسحاب من سوريا ولبنان مارا بجانب حيفا. وكان هناك من أخبره أن مجموعة من القرى الدرزية موجودة على جبل الكرمل فما كان منه إلا أن أرسل كتيبة من جنده إلى أعالي الكرمل قامت بتخريب القرى الدرزية انتقاما لعدم نجاحه بالتغلب على الدروز أثناء الثورة عسكريا. وقامت هذه الكتيبة بهدم غالبية القرى الدرزية التي بناها في حينه الأمير فخر الدين المعني الثاني وتجمع السكان في قريتي دالية الكرمل وعسفيا, وقد قام فضيلة الشيخ محمد طريف بالإشراف على عملية استيعاب النازحين في القريتين وتوطنهم في أماكنهم الجديدة وحصولهم على أراض ومساعدات كي يعتمدوا على انفسهم. وخلال الثورة في جبل الدروز قام بعض الأهالي من سكان الجبل باللجوء إلى أقاربهم في البلاد والسكن معهم حتى تهدأً الأمور في الجبل وتعود المياه إلى مجاريها. وكان الرئيس الروحي الشيخ محمد مطلعا على كل هذه الأمور وحاول أن يخفف عن النازحين وأن يقدم لهم كل مساعدة.
وقد استمر الشيخ محمد برعاية الأماكن المقدسة في البلاد والاهتمام بالخلوات وتنسيق الشؤون الدينية والمواضيع المذهبية إلى أن انتقل إلى رحمته تعالى عام 1864 بعد أن خدم أبناء طائفته وقدم لهم كل عون ومساعدة. وجرت له جنازة شاملة في قرية جولس بحضور جماهير غفيرة ونال المدح والثناء والرحمات وأعلن بنفس المناسبة عن الرئيس الروحي الجديد وألبس العباءة وهو فضيلة الشيخ مهنا محمد طريف.