فضيلة سيدنا الشيخ أبو يوسف أمين طريف

شارك المقالة:
Share on facebook
Share on whatsapp
Share on twitter
Share on email

قصة الوفاة

قبل منتصف ليلة السّبت الموافق 2/10/1993، وفي تمام السّاعة الحادية والنّصف ليلاً، فارق المرحوم سيّدنا الشّيخ أمين طريف الحياة عن عمر ناهز الخمسة وتسعين عامًا قضاها على البر والتّقوى والصّلاح.

لم يمضِ على وفاة سيادته دقائق معدودة، حتّى عمّ خبر وفاته البلاد، وأحزن قلوب العباد من الإخوان والمحبّين، الّذين بدأوا يفدون جولس بعد منتصف اللّيل زرافاتٍ زرافات. كلٌّ يحمل معه دموعًا وذكرى، ويعي حجم المصيبة الّتي حلّت على الطّائفة بوفاة سيّدها وراعيها وشيخها وهاديها.

في غمرة هذه الأحداث، عقد عند السّاعة الواحدة بعد منتصف اللّيل اجتماع طارئ جمع بين أفراد عائلة طريف، رجال الدّين والشّرطة، وذلك للبحث في أمر مراسم التّشييع ومكان دفن المرحوم. وقد تقرّر بالإجماع ما يلي:

  1. مراسم الدّفن ستكون يوم الإثنين الموافق 4/10/1993 في تمام السّاعة الحادية عشرة ظهرًا. 
  2. تُطلق النّعوات في جميع وسائل الإعلام، المسموعة، المرئيّة والمقروءة.
  3. توجّه نعوه خاصّة للقيادة السّياسية، القيادة العسكريّة وقيادة الشّرطة في اسرائيل وللشّعب الإسرائيليّ عامّة.
  4. توجّه نعوه خاصّة للطّائفة الدّرزيّة في لبنان، سوريا وللجاليات الدّرزيّة في كلّ مكان.
  5. تشيّع الجنازة ويُصلّى عليها في المنطقة الصّناعيّة في قرية جولس والّتي تزيد مساحتها على مئة دونم.
  6. يُدفن الجثمان الطّاهر في بيت المرحوم على الرّغم من طلبه بأن يدفن في قبّة سيّدنا الشّيخ علي الفارس.

في أعقاب النّعوة، أعلنت حكومة إسرائيل أنّ مراسم الدّفن ستتمّ وفقًا للبروتوكولات المنتهجة في مراسم تشييع رؤساء الدّول، وتمّ إعلان الحداد في جميع القرى الدّرزيّة في إسرائيل لمدّة يومين، بما يشمل تعليق الدّراسة وعمل المؤسّسات الرّسميّة لمدّة يومين.

مع إشراقة شمس يوم الأحد، أفاق النّاس في جميع قرى الجليل والكرمل وهضبة الجولان، وسوريا ولبنان على أصوات النّعاة ينعون وفاة سيّد الجزيرة وشيخ العشيرة، فضيلة الشّيخ أبي يوسف أمين طريف. وما كاد الخبر يصل إلى الاذان، حتّى توافدت الجماهير بآلافها إلى قرية جولس، حيث سجّي النّعش في ساحة البيت، محاطًا بلفيفٍ من الرّجال والنّساء والشّيوخ والشّباب، الّذين قدموا من كلّ حدبٍ وصوب لإلقاء النّظرة الأخيرة على الجثمان الطاهر وتقبيل يد هذا الرّاحل التّقيّ الكبير، وسط سماع التّهاليل والمرثيّات الّتي أشجت القلوب ورجفت لها النّفوس.

من بين الحاضرين لإلقاء النّظرة الأخيرة، وصل ظهيرة الأحد موكبٌ ضمّ رئيس الدّولة السّيّد "عيزار فايتسمن" وحاشيته، الّذين قدموا من تقديم التّعازي لأبناء الطّائفة وإلقاء النّظرة الأخيرة على الجثمان الطاهر. من بعدها وصل وفدٌ من مشايخ حاصبيّا والشّوف وخلوات البيّاضة الزّاهرة، وتوالت الوفود خلال النّهار واللّيل، وفدًا بعد آخر، تحضيرًا لمراسم الجنازة صبيحة يوم الاثنين الموافق 4/10/1993.

في تمام السّاعة الحادية عشرة صباحًا، حُمل النّعش الطّاهر فوق أكتاف رجال الدّين، وانطلقت مسيرة الجنازة من ساحة بيت سيادته نحو المنطقة الصّناعيّة.

خلال مراسم التّشييع، تقدّم نحو الجنازة الشّيخ سلمان ماهر من الشّوف اللّبناني مصلّيًا بصوته الجهور الوقور، ليضجّ الفضاء بنداءات الجموع المؤلّفة الّتي صرخت "الله يرحمه". بعد ذلك، ألقيت كلمات تأبين صادقة، تحدّث فيها الكثيرون من معارف المرحوم وأصحاب المناصب عن سرّ هذا الملاك الغريب، ليُرفع النّعش بعد ذلك في موكبٍ رهيب اختتم بدفن سيادته في حجرة داره.    

بعد إتمام مراسم الدفن، استمرّت وفود المعزّين تطوف شوارع جولس باكيةً شيخها الرّاحل مدّة سبعة أيام.  

في تاريخ 22/10/1993 عُقد اجتماع عام للكشف عن ضريح سيادته الّذي شُيّد سريعًا بهمم الإخوان والأهل، وتقرّر يومها إثبات الثّاني من تشرين الأوّل من كلّ عام كيوم زيارةٍ وذكرى تقليديّة لضريح سيّدنا الشّيخ.