الكرامة هي اثباتٌ من جلال الحق لسدق اخلاص اوليائه بين الخلق، لا تكون الا للسادقين في استسلامهم بحبهم لربهم نحو توحيد صورهم في صورة مرآة انواره تبارك وتقدس، يتحققون أنّها منه سبحانه وتعالى يدلهم بها على صحة ما هم عليه من العقائد.
واما كرامات سيد الجزيرة وشيخ العشيرة فضيلة سيدنا الشيخ أمين طريف رضي الله عنه فنتركها للإخوة الناظرين من نور الانوار الشعشعانية، المتعلقين بحب خالق البرية, يقرؤُها مدونة ببساطة الالفاظ التي سمعناها من الثقات الذين رأوها او رووها او شاهدناها بأنفسنا, وهي كثيرة لا يسعها المكان هنا.
ومن وقار فضيلته وتواضعه انه إذا عرضت مشكلة معينة او امر مهم يحتاج فيه الى مشورة مع الآخرين؟ فكان يقدّم جميع الحاضرين بإعطاء آرائهم في الموضوع المطروح على نفسه الكريمة تواضعًا واحترامًا منه لهم. واخيرًا بعد استلهامه الأمر يعطي رأيه الخاص، فيتضح للحضور ما لاشك فيه ان رأيه هو الصائب والسديد، فيصدر القرار بالموافقة حسب توجيهه، فيتوفق الأمر وينجح بإذن الله تعالى.
ومن استشارته وصحة معاملته رضي الله عنه، انه إذا كان الأمر مُلمًا جدّا فوق العادة ويكون المختص بتدبيره وصرفه سيادته عمّن سواه، فعندها يلتزم معتصمًا بالاتكال على ولي ا لأمر مستشيراً إياه قائلاً بلسانه لفظة "لكان خلّينا نشاور". ثم يختلي بنفسه مع سيّده برهة من الزمان، فيرجع بالجواب مقنعًا شافيًا حسب ما يأخذه يعطيه، فيطرح سلام الوقت على الحاضرين ويجلس ثمّ يبدأ بإتيان الشواهد والأمثال ويأخذ بالاعتراف بالتذلل والعجز والتقصير عن تلك المنازل والدرجات, التي من شأنها مثل هذه المهمّات, وبعدها يصرّح قائلاً انه بالنسبة للأمر الفلاني جوابه ما هو كذا وكذا, فإن كان قد آن حلوله فيأذن فيه, وان كان ممهولاً فيقول الآن ما جاءنا بعد امر بحلوله. لكن لمّا كان قضاء الحاجات لها ساعات، فيبقى مرتقبًا أ أوَان اخذه في حينه حسب مراد سيّده ثم يعود يعطيه كما اخذه فيحصل بذلك التوفيق وتكون العاقبة خيرًا. واحياناً يقول: "اجانا امر من فوق". فهذا من خفيّ لطف الله تعالى بأوليائه المقرّبين اليه.
ومن سدقه ودقّة سلوكه واخلاصه ومحبّته لله، كان إذا سُئِلَ عن شيء او طلب منه حديث، فيتأتى ويُفكر ويكون حريصًا على دقة اللفظ والمعنى متحفظا من الزيادة والنقصان، وفقا لفريضة التوحيد المبينة على سدق اللسان والجنان.
وبالجملة فإنّ شخصيته الكريمة الفذة كانت موسوعة حِكَم دينية علمية ادبية فلسفية اخلاقية انسانية اجتماعية ثقافية، ومن حيث اخلاصه وتوكله على خالقه سبحانه كفاه مهمّات الدين والدنيا، واعطاه الكرامات دون ان يقف عندها او ينحجب فيها. وقد تسخرت له الخاصّة والعامة، كما واعتقدت ببركته وسرَّ حكمته، وشهدت بعلوُّ مقامه وفضله وفضيلته, الكافة من ابناء الطائفة والطوائف الأخرى, وما خالفه احد وتوفق.
حدث مرّة أن فضيلته أراد أن يوسع غرفة ضريح سيّدنا الخضر –ع- في كفرياسيف وكان يوجد بجنب الغرفة مقبرة لدروز كفرياسيف تعيق عمليّة البناء، فأشار البعض بإزالتها من قرب الضريح بسبب البناء واستحسن فضيلته ذلك ثم توجه إلى صاحبها ليتفاوض معه بذلك فلم يوافق. فبعث صديقًا له كواسطة فقبل منه على شرط أنهم يبنون له مقبرةً بدلًا منها، فوافق سيادته ثم بدأوا بإزالة المقبرة القديمة فتعسّرت الأمور بإتمام بنائها وكان لصاحبها والدة مريضة على حافّة الموت. فما كان من صاحب الأرض إلّا أن تراجع عن قراره قائلًا أنّ والدته في خطر ومحتارًا أين يدفنها إذا ماتت، وبدأ يتهدّد بأنه سيدفنها موضع المقبرة القديمة. فأجاب سيّدنا الشيخ قائلًا: إني كفيل على ناقل الأرواح عليه السلام انه ما ينقل أحدا منهم قبل إتمامنا البناء للمقبرة الجديدة بعيدا عن المقام وابتدأوا ببنائها وبعد الانتهاء بقليل توفيت والدة ذلك الرجل ودفنت في المقبرة الجديدة فور انتهاء معلم البناء من إزالة خشب القالب من سقفها فقال فضيلة المرحوم لمعلم البناء وكان من المقربين إليه: "صاحب الضمان بريء من ضمانه، وصاحب الدار وصل أمانه".
حدث في إحدى القرى الدرزية شجار بين رجل وزوجته بحضور إحدى أخواتها وعندما احتد الشجار ضربت الأخت الرجل بسكين فمات بالحال وكان ذلك الشاب وحيدا لأهله وبعد فترة من الزمن توسط سيدنا الشيخ قاصدا الصلح بين الفريقين وعندما قابل والد القتيل عرض عليه الصلح فأجاب قائلا: لقد كان عندي شاب وقتل وهو كل ما املك فلماذا الصلح وماذا استفيد منه؟ فسأله سيدنا الشيخ: هل أرملته حامل؟ فأجاب الرجل: نعم فقال له سيدنا الشيخ : إني كفيل على الباري بان تلد أرملته ولدا ذكرا فما مضت الأيام إلا وقد ولدت تلك الأرملة ولدا فسبحان من أيده وكشف له عن بصيرته وأمده بلطيف حكمته .
حدث مرة أمر غريب يدل على مكاشفته والهامة ولطافة جوهريته وهو انه كان مريد من بلده من ال كبيشة قد توجه للخير وجعل يطلب دينه في الخلوة ففي إحدى الليالي التي كان يطلب فيها ذلك المريد طلب كعادته بحضور سيدنا الشيخ وخرج من المجلس وكان سيدنا الشيخ بإثنائها قد اطرق برأسه فالهم بسره من حيث مصلحة المريد فرفع رأسه وسألهم عنه فقالوا انه قد طلب وخرج فقال لهم الحقوه وارجعوه فخرجوا في طلبه فوجدوه في الطريق لم يصل إلى البيت بعد فنادوه ارجع سيدنا الشيخ طالبك فرجع فلما وصل قال له سيادته اطلب فطلب فسلمه المعلوم وجلس وحضر السهرة وبعدما رجع إلى بيته بساعات قليلة توفي رحمه الله وذلك مما يدل على صلاح هذا المريد وان الرجل المؤمن لا يموت إلا على دين الله وعلى كل انسان ان يعلم ان لا يتوفاه الله الا على الدين حتى يحظى برحمة وشهادة رجال الدين وأما الكرامة الكبيرة فلسيدنا الشيخ رضوان الله عليه .
حدث أن سيادته دعي مرة لتدشين بيت جديد في بلد من بلاد الطائفة ولحضور مراسيم الافتتاح وإلقاء كلمة وكان الوقت عصرا وانقطعت الكهرباء وقد تكلم الخطباء دون مكبر صوت بسبب انقطاع الكهرباء وعندما استدعي سيادته لإلقاء كلمته تحسر البعض كيف يلقيها والتيار مقطوع طمعا واستبراكا به وباستماعها منه فعندما وقف أمام مكبر الصوت جذب أنظار الجميع نحوه فما كان منه إلا أن التفت يمينا وشمالا والى الأمام وقال : بسم الله الرّحمن الرّحيم وما أن نطق بالبسملة إلا وتيار الكهرباء يعود ويتم كلمته على مسمع الحاضرين فصفق له الجميع واعترفوا له بالفضيلة .
حدث احدهم أنهم كانوا يقومون ببناء في مقام سيدنا شعيب عليه السلام وكان الباطون مقررا يوم سبت فشعر معلم العمار مؤخرا بان البحص ناقص عن الحاجة من بين المواد وكان ذلك مساء الجمعة آخر النهار وكسارات البحص تكون عادة واقفة عن العمل وكان فضيلته جالسا عند إخباره بالأمر بجانب الضريح المقدس يحدث ويعظ الحاضرين معه فأجاب سيادته المعلم قائلا : الان تقول والوقت متأخر ثم أشار سيادته إلى المحدث قائلا : بدنا همتك اذهب بالسيارة وابحث فأجابه المحدث : الآن الوقت مغرب وأين اذهب فأجاب سيادته وهو بجانب الضريح : اتكل على هالبطل ( يقصد نبي الله شعيب –ع- ) وإن شاء الله لا ترجع فاض فذهب الشيخ المذكور ووصل بعد غياب الشمس إلى مدينة الناصرة وقصد أول كسارة بحص هناك فوجدها تعمل وفيها عاملين فطلب منهم شراء سيارة بحص فأجابا : من في الليل يأخذ بحص ونحن نجرب هذه الكسارة تجربة إذا كانت تشتغل فاخبرهما بان البحص لمقام النبي شعيب –ع- فأشار احدهما بان يحضر السائق سيارته حتى ينظروا كم اشتغلت الكسارة فامتلأت السيارة بحصا فقالوا العمال بأنه لأجل النبي عليه السلام أنتجت الكسارة حمولة شاحنة فرجع الشيخ صاحب السيارة إلى المقام مسرورا وشرح لفضيلته الشيخ ما حدث معه وقال له بدعائك توفقنا فاخذ سيادته بالاعتراف بعجزه والبكاء .
زارت شخصية أجنبية يوما بعض بيوت أبناء الطائفة فرأت صورته معلقة على الحائط فدهشت وسالت أصحاب البيت من صاحب هذه الصورة هل هو بشر؟ وهل هو موجود في الحياة؟ فأجيبت نعم انه فضيلة الشيخ أمين طريف. فقالت: أنتم ترونه وتسلمون عليه وتجلسون معه ويأكل ويشرب؟ فقالوا: نعم. فأجابت: هذا ملاك مقدس.