فضيلة سيدنا الشيخ أبو يوسف أمين طريف

شارك المقالة:
Share on facebook
Share on whatsapp
Share on twitter
Share on email

قيل في رثائه

مع انتشار خبر وفاة سيّدنا الشّيخ قبل منتصف ليلة السّبت الموافق 2/10/1993 هرعت الوفود من كلّ حدبٍ وصوب إلى بيت سيادته، باكيةً وفاة علمٍ من أعلام الدّين الخالدين، ومتحسّرةً على فراق هذا الطّاهر الأمين.

وقد زخرت أيّام الوداع بكلمات ومرثيّات عديدة، ألقاها وجهاء كثيرون قدموا ممثّلين عن جميع الطّوائف والقيادات السّياسيّة والرّسميّة في الدّولة. ناهيك عن مئات البرقيّات والمرثيّات الّتي ظلّت تصل بيت سيادته شهورًا بعد وفاته، موسومةً بالحزن والمواساة، ومكتوبةً بلغات كثيرةٍ من دول العالم.

إيفاءً لحقّ ما ورد في رثاء سيادته، نوافيكم باليسير القليل من الخطابات، القصائد، والبرقيات الّتي جُمعت على يد المرحوم الشّيخ أبي زاهر عبد الله سليم طريف، وأوردها في كتابه "رحيل العلم المفرد فضيلة الشّيخ أمين طريف".

كلمة رئيس الدّولة السّيّد عيزر فايتسمن - مترجمة عن اللّغة العبرية كما وردت في الكتاب

(ألقيت خلال قدومه في تاريخ 3/10/1993 إلى قرية جولس للوداع الأخير والتّعزية)

هذا يوم حدادٍ. يوم صعب لجميع أبناء الطّائفة الدّرزيّة في العالم، وخاصّةً أبناء الطّائفة في البلاد الّذين يربطنا بهم حلف الدم. التقيت الشّيخ قبل أشهر حين زرته وهنأته بعيد الاضحى، وتلقّيت منه هديّة هي عبارة عن سيف. قال: "إن ذلك تعبير عن حلف الدم المعقود بيننا، بين الدّروز وأبناء الشّعب اليهوديّ".

لقد كان رجلًا عظيماً، عمل الكثير للمحافظة على مصالح الطّائفة وعلى كلّ درزي ودرزيّ حيثما كان. أذكر مثلًا عندما كنت وزيرًا للدّفاع أثناء عمليّة اللّيطاني، وجاء إليّ الشّيخ وأخبرني أنّ قذائف المدافع تسقط قرب حاصبيّا فأعطيتُ الأمر بإيقاف القذف حالًا. لقد عمل من أجل سلامة إخوانه دروز لبنان، وقد سررت جدًّا حين وجدت إمكانيةً لخدمته ومساعدته في موضوع هام كهذا. أنا اعرف وأشعر كم يصعب عليكم فراقه. ‏أرى الحزن والحداد في أعينكم. أرى آلاف السّيارات الّتي وفد إلى هذا المكان من كلّ أرجاء الدّولة، وآمل أن يأتي وفد من شيوخ لبنان. إنّكم تقدّمون الاحترام الكامل والتّقدير للمرحوم، ‏وقد جئت لأشارككم مصابكم وأودّعه معكم الوداع الأخير، باسمي وباسم سكّان دولة اسرائيل الّذين حزنوا وأسفوا كثيراً عندما قرأوا في الصّحف خبر وفاة الشّيخ الجليل. إنّ ما حدث اليوم يجب أن يوحّد كلمتكم ويشجّعكم كما كنتم دائمًا على السّير في خطاه وحسب تعاليمه. حافظوا على تقاليد الطّائفة ومبادئها وعاداتها الحميدة. هذه التّقاليد الّتي جعلت منكم شعبًا مميّزًا، مخلصًا، وفيًّا وأميناً. لم يبقَ لي في هذا الموقف العظيم على شرف صديقي المخلص المرحوم الذي انتقل إلى جوار ربه إلّا القول: ‏ الله يرحمه.

كلمة رئيس الحكومة السّيّد إسحاق رابين - مترجمة عن العبرية كما وردت في الكتاب

(ألقيت خلال مراسم الجنازة في تاريخ 4/10/1993 في قرية جولس)

نودّع اليوم ابًا وقائداً، قاد أبناء رعيّته على مرّ السّنين نحو حياة آمنة ومستقرّة، بفضل تعاليمه وإرشاداته الّتي جعلت منكم أقوياء شجعان ومحبّي سلام، تحافظون على الأرض والوطن وشركاء في طريق رائعة وطويلة سرناها ونسيرها معًا. أبناء الطّائفة الأعزّاء، لقد كان الزّعيم والقائد العظيم رمزًا ومثالًا. لقد قاد الآلاف في طريق الحياة المشتركة والمصير الواحد للدّروز والشّعب اليهودي. كان مثالًا رائًعا لمن فتّش ووجد الطّريق الصّحيح للصّداقة ولربط مصير الشّعبين معًا على هذه الأرض الطّيّبة. لقد كان مثالًا للصّدق، متواضعاً، ‏قويّ الشّخصيّة. ها نحن اليوم نودّع الرّجل العظيم الّذي عمل للسّلام طيلة حياته وساعد في تقريب وإحلال السّلام للأجيال القادمة‎. نودّع الرّجل العظيم الّذي عرف كيف يربّي وينشئ أجيالًا من الأبطال والمحاربين الّذين هبّوا معنا للدّفاع عن وطننا ودفعوا الثّمن الغالي. هذا الرّجل الّذي عاش الحروب وحلم بالسّلام وعمل للسّلام. من هذا المكان الطّاهر أوجّه كلمة لوجهاء الدّروز الّذين قدموا من سوريا ولبنان: عودوا إلى بلادكم وكونوا رسل سلام، تنقلون بشرى السلّام وترفعون رايته.‏ نودعّ اليوم الشّيخ أمين طريف فليكن لكلّ واحد منكم خصلة من خصاله الكريمة، من صدقه وأمانته ووفائه.‏ علّنا نفيه بعض حقّه وجهده وعمله طوال سنوات عديدة، فهذا واجب علينا. وأخيرا باسمي وبالنّيابة عن مواطني دولة إسرائيل وجيش الدّفاع اقف وأحيّي ذكرى المرحوم الفقيد.

كلمة رئيس الكنيست البروفيسور شيفح فايس– مترجمة عن العبريّة كما وردت في الكتاب

(ألقيت خلال مراسم الجنازة في تاريخ 4/10/1993 في قرية جولس)

جئت إلى هنا لأقدّم لكم التّعازي باسم الكنيست في إسرائيل، وباسم الآلاف من المواطنين الّذين جاؤوا ليشاركوا في هذه الجنازة الضخمة. إنّ أحدًا من كبار رجالات هذه البلاد لم يحظ بمثل هذا الموكب الجليل والمهيب. عشرات الآلاف من المواطنين حضروا إلى هذا المكان، من مختلف الطّوائف ليشاركوا في جنازة المرحوم، يحملون الحبّ والتّقدير والاحترام والإجلال لهذا الزّعيم العظيم، وانطلاقاً من شعور عميق بمصير مشترك وتضحية مشتركة ومشاركة في المسرّات والأتراح. وأخيرًا لا يسعني سوى التّرحّم على الفقيد الغالي.‏ رحمة الله.

كلمة رئيس محكمة العدل العليا القاضي مئير شمغار – مترجمة عن العبرية كما وردت في الكتاب

(ألقيت خلال مراسيم الجنازة في تاريخ 4/10/1993 في قرية جولس)

أقف أمامكم وقلبي يملؤه الحزن والأسى وشعور عميق بالحداد والحزن. وفي نفس الوقت أحملُ أجمل آيات الاحترام والإجلال والإكبار للرّئيس الرّوحيّ للطّائفة الدّرزيةّ، الذي كان رئيسًا للهيئة القضائيّة ولجهاز القضاء الشّرعيّ للطّائفة. ‏باسم الجهاز القضائيّ في إسرائيل، أقدّم لكم احترامنا وتقديرنا لهذه الشّخصيّة الّتي كانت مثالًا ورمزًا للصّداقة والعدل والإخلاص، فقد كان يسعى لتحقيق العدل والإنصاف، من خلال منصبه كرئيس لمحكمة الاستئناف الدّرزيّة. سيبقى ذكره خالدًا في قلوبنا.

كلمة وزير الشرطة السّيّد موشيه شاحل (ألقاها بالّلغة العربيّة)

(ألقيت خلال مراسيم الجنازة في تاريخ 4/10/1993 في قرية جولس)

بقلوب مفعمة بالحزن والأسى الشديدين، جئنا اليوم لنرافق جثمان راحلنا العظيم زعيم الطّائفة الدّرزيّة ورئيسها الرّوحيّ الشّيخ أمين طريف إلى مثواه الأخير. إنّ وفاة الشّيخ أمين هي خسارة ما بعدها خسارة، إذ برحليه فقدنا شيخًا جليلاً مفضالًا‏، راعيًا، ساهرًا، وأبًا حنونًا، قد شمل من الخصال الحميدة أطيبها ممّا أضفى على رئاسته الرّوحيّة حلّة من الوقار والهيبة والإجلال. إنّها نعمة من عند الله قد خصّ بها فقيدنا الكبير. لقد شاء الله تعالى أن يدعو إليه الشّيخ أمين في هذه الفترة التّاريخيّة الّتي نمرّ بها في صنع السّلام، بعد أن اطمئنّ للعمليّة السّلميّة الّتي طالما دعا فضيلته إليها، ووجّه الجميع إلى السّعي لتحقيقها. لقد عرفت الشّيخ أمين عن قرب، والتقيت بفضيلته عدّة مرّات، كان آخرها منذ مدّة وجيزة، وقفت فيها أمامه مشدوهًا ومتأمّلاً، كم لهذا الشّيخ ورغم ضعف جسده من هيبة ووقار عظيمين. لقد رحل عنّا الشّيخ أمين وترك وراءه أثراً خالدًا سنذكره‏ إلى الأبد. بين جنّات الخلد يا أبا يوسف، رحمة الله عليه.‏ وللختام أتقدّم بالتّعزية الحارّة لعائلة طريف العزيزة، وإلى عموم أبناء الطّائفة الدّرزيّة أينما وجدوا، سائلاً للفقيد الرّحمة ولكم من بعده طول البقاء. 

كلمة سفير جمهوريّة مصر العربيّة محمّد البسيوني

(ألقيت خلال مراسيم الجنازة في تاريخ 4/10/1993 في قرية جولس)

بصفتي صديقًا للطّائفة الدرزية، حضرت لأشارككم تشييع جثمان الفقيد الشّيخ الجليل أمين طريف. لقد عرفت الفقيد عن قرب، والتقيت به مرّات كثيرة، والحقيقة عرفت فيه الحكمة، عرفت فيه الصّبر، عرفت فيه التّوحيد، عرفت فيه حبّه للسّلام. أدعو الله أن تتحقّق أمنيّة المرحوم الشّيخ أمين طريف، ويتحقّق السّلام في هذه المنطقة مع سوريا ومع لبنان ومع الأردن ومع الفلسطينيّين حتّى نعيش جميعًا في أمنٍ وأمانٍ واستقرار. رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جنّاته والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كلمة فضيلة القاضي توفيق عسليّة

(ألقيت خلال مراسيم الجنازة يفي تاريخ 4/10/1993 في قرية جولس)

أيّها الجمهور الكريم، المصيبة تصيب الجميع، عربًا ويهودًا، مسلمين وغيرهم، فالمرحوم عليه رحمة الله كان شيخًا جليلًا ورجلًا لا كالرّجال، وحكيمًا لا كالحكماء، وشجاعًا لا كالشّجعان. يقول الحقّ ولا تأخذه فيه لومة لائم. وأنّني أعرفه عندما كنت طالبًا في عكّا وهو يهمّ مدينة عكّا وعليه سمات الوقار وحكمة الحكماء، فهو اتّخذ من عقيدة التّوحيد مذهبًا، ومن قدسيّة البلاد داعيًا للأمن والاستقرار، وباذلًا النفيس في الحفاظ عليها، وقاضياً عادلاً يحكم بالعدل انطلاقاً من دعوة التّوحيد ومن دعوة الدّيانات كلّها. فالله سبحانه وتعالى قد خصّ هذه البلاد بقدسيّة جميع الدّيانات، ولذا كان داعيًا إلى الأخوّة وداعياً إلى السّلام، وداعيًا إلى الاستقرار. أظنّ أن الله أجاب دعواه، فها هي تباشير السّلام قد بدأت، واننا ولجلال الموقف ولعظم المصيبة، أصارحكم بأنّني لا أستطيع أن أذكر مناقب رجلٍ تعجز كنوز وسطور الكتب عن احتواء مناقبه وكريم خصاله، فلا يسعنا إلّا أن ندعو له بالرّحمة وأن يتغمّده الله بوافر رحمته وأنّ يمنّ علينا صبرًا ننتظر به فرج الله سبحانه وتعالى بخليفةٍ يسير على خطاه وينتهج منهجه، فنحن في هذه البلاد عنوان العالم أجمع حيث أنّها جمعت جميع الّديانات الّتي تدعو إلى كرامة الإنسان أيًّا كان مذهبه، وأيًّا كان دينه، فهم أخوةٌ في الإنسانيّة، وعليهم أن يعملوا لصالح الإنسانيّة والسّلام في العالم أجمع. 

 

 وفي هذه المناسبة، لن أقول العزاء للطاّئفة الدّرزيّة ولا لآل طريف، وإنّما العزاء لكلّ فرد في هذه البلاد، فحكمته وسدادة رأيه كان ينعم بها كلّ سكّان هذه البلاد. إنّا لله وإنّا إليه راجعون وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

كلمة المطران مكسيموس سلّوم

(ألقيت خلال مراسيم الجنازة في تاريخ 4/10/1993 في قرية جولس)

إنّ هذا التّجمّع في هذا النّهار، هو بحدّ ذاته تعبير كبير لما تكنّه هذه البلاد على مختلف طوائفها وأديانها لراحلنا الكريم المرحوم الشّيخ أمين طريف. هنا جماهيرٌ مؤلّفة. جماهير من رئيس الوزراء، من وزراء، من شخصيّات دينيّة ومدنيّة. هناك ألوف مؤلّفة اجتمعت اليوم لتصلّي معًا ولتقول: رحمة الله عليك أيها الشّيخ الأمين. كنت أمينًا لله في إيمانك القويّ، وكنت أمينًا لشعبك الّذي رعيته مدّة ستّين سنة. عرفناك وعرفناك من قريب وكنت ذلك الإنسان الممتلئ حكمةً واحترامًا. صنت طائفتك وكانت كلمتك مقدّسةً لدى الجميع. رأيناك مرارًا ورأيناك في هذا التّجمّع المهيب، يوم كنّا نلقاك في المقام المكرّم في عيد النّبي شعيب، وها نحن اليوم وأنت تغيب عنّا ولكنّ ذكرك باقٍ. باقٍ بإيمانك القويّ، وباقٍ بأعمالك الطّيّبة، ونحن نرى اليوم هذه الجموع الغفيرة أتت من كلّ البلاد، وأتت من الجوار أيضًا من سوريا ومن لبنان. وكما قال أحد الخطباء: رأيت بداية المرحلة، بداية السّلام، ونطلب من الله تعالى وروحك الطّاهرة، بأن يكون السّلام مخيّمًا على هذه البلاد، السّلام العادل والسّلام الشّامل. تأكّد ومن علياء ربّنا، أننا ومع طائفتك الكريمة ومع كلّ الطّوائف نضع يدنا بيد البعض لنبقى أخوة، ولنكرّم كلّ من ارتحلوا وكلّ أولئك الّذين أعطونا الحكمة والمحبّة. تعازينا، لا للطّائفة الدّرزيّة فق بل نعزّي بعضنا البعض. يا للخسارة، ورحمة الله عليك.

كلمة وزير الخارجية السّيّد شمعون بيرس – مترجمة عن العبرية كما وردت في الكتاب

(ألقيت خلال زيارته للتّعزية في تاريخ 19/10/1993 في قرية جولس)

حضرة الشّيخ موفّق طريف، حضرات مشايخ الطّائفة الدّرزيّة الكرام.

 عندما توفّي المرحوم الشّيخ امين كنت خارج البلاد، أعمل على تدعيم وتقوية اتفاقيّة السّلام، هذا الموضوع الّذي لم يكن بعيدًا عن رغبة الشيّخ المرحوم. ‏إن شخصيّة الشّيخ أمين فريدة من نوعها، ولم يكن لها مثيلٌ في عالمنا هذا. قضى ما يقارب السّبعة عقود في قيادة الطّائفة الدّرزيةّ، فترة طويلة في عمر الزّمن، لم‏ يسبقه في ذلك أحد. لقد عاصر ستّة حروب خرج منها منتصرًا سالـمًا مرفوع الرأس، في حين لم يستعمل أيّ نوع من أنواع القوّة أو العنف. لقد خرج من هذه الحروب موحّدًا ومعزّزًا أكثر وأكثر للطّائفة الدّرزيّة في هذا الشّرق الّذي نعيش فيه. يعيش الدّروز في دول لا علاقة سياسيّة بينها، وعلى الرّغم من ذلك، وبفضل قوّته الخارقة وتأثيره منقطع النّظير، وحّد الطّائفة الدّرزية متخطّيًا الحدود المغلقة، فنجد أنّ جميع أبناء الطّائفة الدّرزيّة في الشّرق تعمل بتوجيهاته وإرشاداته، دون المسّ بأيّ دولة من دول الشّرق، رغم انقطاع الصّلة المباشرة بينه وبين قسم من أبناء الطّائفة الدّرزيّة.

إنّ المرحوم الشّيخ أمين لم يكن يملك جيشًا، ولا شرطة، ولا حكومةً. لكنّ شخصّيته كانت أقوى من الجيش، والشّرطة والحكومة وكلّ مظاهر القوّة. كان يشعّ من وجهه النّور، الصّدق، الإيمان والأخلاق. كانت عنده قوّة خارقة وحّدت الدّروز، اليهود، والعرب معًا لمحبّة السّلام، ومحبّة بعضهم بعضًا.

لقد عرف المرحوم الشّيخ أمين طريف كيف يحافظ على مكانة ووحدة ومستقبل الطّائفة الدّرزيّة في هذه البلاد وكلّ البلاد. لقد تنبّأ بالسّلام قبل أن يحلّ السّلام. لقد عمل من أجل السّلام، وخلق جوّ السّلام في الطّائفة الدّرزيّة أوّلًا، ثمّ في باقي الطّوائف وشعوب الشّرق الأوسط. لقد غرس بذور السّلام في نفوسنا، وعندما نمت وظهرت براعمها فقدناه.

عليكم أيّها المشايخ الكرام أن تعرفوا أنّنا احترمناه مثلكم. احترمناه في حياته وعند مماته، وسنستمرّ باحترام كلّ ما خلّفه لنا، وستبقى ذكراه عطرةً إلى ما لا نهاية.

كنّا نأتي لزيارة المرحوم الشّيخ أمين في هذا البيت، لنكسب العلم والمعرفة وسداد الرأي ‏والحكمة. لقد حمل لقبًا كبيرًا، الزّعيم الرّوحيّ، أيّ أنّه كان زعيمًا وكان روحانيًّا. لقد جمعت شخصيّته الزّعامة والرّوحانيّة، ولا أذكر أن جمعت هاتين الصّفتين في غيره. كان قائدًا ورجل فكر ومعرفة.

جميع القضايا الّتي عُرضت عليه حلّها بقرارات حكم نادرة أرضت الجميع، الرّابح والخاسر. جميع المشاكل الّتي واجهته تغلّب عليها بالإيمان والصّبر والنّيّة الحسنة، حتّى أنّ الخصم ندم على ما فعل.

الدّروز لا يشبهون باقي الشّعوب. سكنوا الجبال للحفاظ على كرامتهم وشرفهم ودينهم.‏ يعرفون كيف يقيمون علاقة سلام وجوار حسن مع الآخرين. يعرفون كيف يحافظون على الجار. ‏يعرفون كيف يربّون أطفالهم على محبّة الوطن والتّضحية في سبيل الآخرين.

إنّ المرحوم الشّيخ امين طريف في القرن العشرين، تكلّم دائمًا عن الّسلام، السّلام الحقيقيّ بين النّاس والدّول. لقد آمن بالسّلام، وأحبّ السّلام. نحن نذكره دائمًا وسنذكره أبدًا كمبشّر بالسّلام، في هذا الشّرق الّذي عانى من حروب ضارية. لقد تزعّم الطّائفة الدّرزيّة ما يقارب السّبعة عقود من الزّمن، وعند وفاته ترك الطّائفة بوضع أفضل بكثير من جميع النّواحي مما كانت عليه عند استلامه إيّاها. لقد ترك طائفة موحّدة ذات كيان، لها مكانتها المرموقة أخلاقيًّا، اجتماعيًّا، ومعنويًّا بين جميع شعوب المنطقة. إنّ الله سبحانه وتعالى سيفيه عنّا خيرًا، ويكرمه إكراماً كبيرًا على ما قدّم لنا من خدمات وتضحيات، وسيمنحه المكان الملائم لمركزه بجواره. رحمه الله.

وأخيرًا أودّ أن أبارك للشّيخ موفق طريف، وأهنّئه على حسن الثّقة الّتي نالها من فضيلة الشّيخ أمين، وأبارك له على المنصب الّذي تقلّده كرئيس روحيّ سابع للطّائفة الدّرزيّة من عائلة طريف الكريمة، سائلًا المولى عزّ وجلّ أن يمنح الشّيخ موفق الصّفات الّتي منحها لجدّه، كي يقود الطّائفة كما قادها المرحوم الشّيخ، والسّلام عليكم. 

<