فضيلة سيدنا الشيخ أبو يوسف أمين طريف

شارك المقالة:
Share on facebook
Share on whatsapp
Share on twitter
Share on email

فضيلة الشيخ سليمان محمد طريف – الرئيس الثاني

هو الرئيس الروحي الثاني من عائلة طريف. نشاً وكبر في بيت القيادة والرئاسة الدينية والروحية ورافق والده في كافة تنقلاته ومساعيه واستقبل ضيوفه ودرس القيادة بجدية وكان خبيرا في كافة الشئون التي يتطلب هذا المنصب. وترأس فضيلته وفدا من مشايخ الطائفة وأحَد يقوم بجولات في القرى الدرزية يتفقد احوالها ويسأل عن أوضاعها ويعالج مشاكلها. كما أجرى اتصالات مكثفة مع القيادات الدرزية في سوريا ولبنان ونسق معها الخطوات التي تعبر عن مواقف الطائفة الدرزية اتجاه الأحداث التي تقع في المحيط الذي يعيش به مواطنون دروز. وكان من أهم هذه الأحداث محاصرة القائد الفرنسي نابليون لمدينة عكا وعجزه عن فتحها مما حدا بنابليون أن يبعث برسالة إلى الزعامات الدرزية يطلب مساعدتها بالتغلب على الجزار والقوى التي كانت متواجدة داخل أسوار عكا. واستقر رأي الزعماء الدروز ومن بينهم الشيخ سليمان طريف على عدم التدخل والبقاء على الحياد ورفض طلب نابليون.

وكان للشيخ دور كبير في استيطان عائلات درزية حلبية في الجليل والكرمل ففي عام 1811 وقع حدث كبير في تاريخ الدروز وهو ما يسمى بالهجرة الحلبية. وورد عن الهجرة الحلبية في موسوعة التوحيد الدرزية القول:

" هي تلك الهجرة الاضطرارية الكبرى التي وقعت عام 1811 والتي ضمّت مجموعة مؤلفة من أكثر من 400 عائلة من سكان منطقة حلب والجبل الأعلى, والتي ضمّت عائلات مختلفة, وتمّ إنقاذها ونقلها إلى أماكن آمنة في لبنان وفلسطين. وقد تسبب في هذه الهجرة التعصب الديني, حيث وصل الوهابيون إلى سوريا وسبّبوا في مهاجمة القرى الدرزية, فطمع جيران الدروز بأرزاق الدروز وهجموا عليهم تحت غطاء الوهابيين, ونهبوا وحرقوا, فاضطر السكان إلى النزوح والهجرة, ولم يكن بمقدورهم المحاربة والمقاومة لقلة عددهم أمام القوات المعادية, فوصلت أخبارهم إلى لبنان, حيث كان الشيخ بشير جنبلاط في أوج قوته, وكان من أغنى أغنياء المنطقة, فأرسل بعثة من أربعة أشخاص برئاسة الشيخ حسون ورد, واستطاعت هذه البعثة أن تنقل العائلات المهجّرة إلى لبنان, ثم وزعها على القرى الدرزية في لبنان وفلسطين داعما إيّاها. وكان المهجّرون ينتمون إلى عائلات مختلفة تحمل أسماء مختلفة. وبعد هذه الهجرة وبعد أن سكنوا في المناطق الجديدة أطلِق عليهم اسم "الحلبيين". وقد قام الشيخ سليمان طريف بالتعاون مع الشيخ مرزوق معدي باستقبال أفواج متعددة من الهجرة الحلبية وإيوائها وتقديم المساعدة لها وتوجيهها للاستيطان أينما تشاء ففضلت العائلات الحلبية التي قدمت إلى بلادنا أن تبني لها بيوتا في قرى دالية الكرمل. عسفيا, يركا وبيت جن. وفي دالية الكرمل كبرت عائلة حلبي وأصبحت أكبر عائلة في القرية وأكبر عائلة بين دروز البلاد.

وفي تلك الفترة قام بقيادة دروز لبنان الشيخ بشير جنبلاط, الذي كان ذا ثروة وجاه وخصال قيادية كبيرة ودعم الأمير بشير الشهابي الذي انتخبته الأسر الإقطاعية الدرزية وغيرها ليحكم لبنان ويدير شئونها, لكن بشير الشهابي تنصر وأخذ ينحاز للقوى التي أرادت أن تنزع من الدروز مركزهم وقوتهم, فاستطاع في هذه الفترة القضاء على الشيخ بشير جنبلاط بان ألب والي عكا أن يحكم عليه بالإعدام هو وزميله سيدنا الشيخ أمين العماد وقد قام الشيخ مرزوق معدي بنقل جثتي الشيخين من عكا بعد أن ظلتا معلقتين لمدة ثلاثة أيام إلى يركا وهناك نظم جنازة مرتبة حافلة تليق بمقام الزعيمين الكبيرين وقام بالصلاة عليهما فضيلة الشيخ سليمان طريف, كرئيس روحي للطائفة الدرزية في البلاد, وشارك في مراسيم العزاء والحداد على الزعيمين الكبيرين, وفي نفس الوقت حاول أن يتدخل لدى السلطات العثمانية أن يخففوا الضغط على الدروز في لبنان, وأن لا يخضعوا لتحريض بشير الشهابي ضد الزعماء الدروز, فقد تم انتخابه من قبل العائلات الدرزية الكبيرة, لكنته تنصر وأخذ يحارب الدروز. وكان لحكم بشير الشهابي في لبنان تأثير على الأوضاع في بلادنا, فقد كانت كل البلاد تحت حكم الإمبراطورية العثمانية وكانت السياسة واحدة في كافة البلدان ومبنية على التخلف والضغط الشديد لجباية الضرائب ومطاردة المواطنين إلا الذين يثبتون أن لهم سند أو دعم من مصدر ذي قوة. وحاول الشيخ سليمان بجهود كبيرة أن يربط علاقات مباشرة مع موظفي الدولة العثمانية لتفادي ضرر بشير الشهابي وسطوته في كل ما يتعلق بدروز البلاد ونجح بذلك بعونه تعالى ومنع حدوث مشاكل وقلاقل في البلاد بين الدروز والمسيحيين. وانتقل الشيخ سليمان إلى رحمته تعالى عام 1833 وتم تشييع جثمانه بموكب مهيب في قرية جولس بحضور المشايخ والوجهاء من سوريا ولبنان ومن كافة قرى الجليل والكرمل ومنطقة نابلس حيث كان للمرحوم عدد كبير من المعارف هناك. وأبنه نجله الشيخ محمد سليمان حسن طريف (1864-1833) وكانت له أخت تسمى فاطمة لم تتروج, امتازت بالتقوى والتدين والتبحر في علوم التوحيد ونسخ الحكمة, وهي التي حفظت سجل نسب آل طريف من جدها محمد حسن طريف ومها انتقلت خطيًا معلومات هامة عن تاريخ آل طريف والقيادة الروحية لدروز بلاد صفد, وتم أثناء إجراء المراسيم الجنائزية تلبيس العباءة لنجله الشيخ محمد ليصبح الرئيس الروحي الثالث من عائلة طريف للطائفة الدرزية في البلاد.